رغم تراجع الأسعار في مناطق أخرى وترك معدل الفائدة دون تغيير
لندن تعبر عن استقلالها الاقتصادي بارتفاع معدل سعر العقار العام (تصوير : حاتم عويضة)
لندن: «الشرق الاوسط»
تجاهل بنك انكلترا المركزي علامات التباطؤ التي تظهر على سوق العقارات البريطاني وأبقى معدل الفائدة العام على ما هو عليه بنسبة 5.75 في المائة دون أي تغيير بعد ان توقع الخبراء ان يقوم البنك بتخفيض معدل الفائدة للحد من الآثار السيئة لأزمة الائتمان الدولية على الاقتصاد بشكل عام. ولذلك يتوقع ان يقوم البنك بخطوة التخفيض الشهر المقبل للغاية ذاتها بدلا من هذا الشهر.
وجاء قرار بنك انكلترا على خلفية التقرير الذي اصدره بنك «هاليفاكس»، واشار الى ان اسعار العقارات في بريطانيا تراجعت لأول مرة هذه السنة في سبتمبر الماضي (ايلول) بنسبة 0.6 في المائة، في ما يعتبر دليلا قاطعا على بدء سوق العقارات بالتأثر بما يحصل في الاسواق العالمية والتغيرات التي طرأت على سوق الإقراض العقاري.
ويقول سايمون روبنسون عن الهيئة الملكية للمساحين البريطانيين بهذا الصدد: «نعتقد أن البنك المركزي يريد المزيد من الإثباتات بأن سوق العقارات يتراجع فعليا وان ازمة الائتمان الدولية بدأت تؤثر على قطاعات اخرى في الإقتصاد الوطني قبل ان يتخذ أي خطوة».
وفي مقابلة مع «الفاينانشال تايمز» امس اكد وزير المال البريطاني آلستر دارلينغ، انه سيقوم بتخفيض توقعاته بشأن نمو الإقتصاد العام السنة المقبلة على خلفية ازمة الإئتمان. واوضح الوزير بأن بريطانيا وبلا شك ستتعرض لضغوط بسبب الازمة الدولية. ويتوقع ان يخفض دارلينغ خلال جلسة حكومية الاسبوع المقبل توقعاته بنمو الاقتصاد بنسبة تتراوح بين 2.5 في المائة و3 في المائة للعام المقبل.
وعبر الوزير عن تفهمه لموقف المؤسسات المالية المقرضة المتردد والمحافظ في سوق العقارات، وتوقع ان يؤثر ذلك على حركة السوق.
تقرير «هاليفاكس» كشف ان نسبة نمو اسعار العقارات السنوية في بريطانيا تراجعت من 11.4 في اغسطس (آب) الى 10.7 في سبتمبر (ايلول) ويتوقع ان يتواصل التراجع في المستقبل القريب او قبل نهاية العام الحالي.
وبين التقرير انه بين يونيو (حزيران) الماضي وسبتمبر ارتفعت الاسعار على المستوى الوطني بنسبة 0.9 في المائة مقارنة بـ 3 في المائة في الاشهر الثلاثة الاولى من العام أي بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار). ويبدو حجم التراجع واضحا في نسبة النمو.
وبين مارس ويونيو، أي في الربع الثاني وصلت هذه النسبة الى 2.3 في المائة ووصل معدل سعر المنزل في بريطانيا الى 199 الف جنيه استرليني تقريبا (398 الف دولار).
وحسب مؤشر بنك «هاليفاكس» الاخير، فإن معدل سعر المنزل في لندن وصل الى 320 الف جنيه استرليني (640 الف دولار)، يلي ذلك معدل سعر المنزل في المناطق الجنوبية الشرقية في انكلترا حيث وصل المعدل الى 265 الف جنيه (530 الف دولار)، ثم ايرلندا الشمالية حيث وصل المعدل الى 221 الف جنيه (442 الف دولار) وبعدها منطقة ايست انغليا حيث وصل المعدل الى 194 الف جنيه (388 الف دولار). وتشير المعلومات المتوفرة من المؤسسات الخاصة بحركة الاسواق العقارية الداخلية، الى ان الاسعار تراجعت في كل من يوركشاير وبعض مناطق ايرلندا الشمالية ووست ميدلاندز خلال الاشهر الثلاثة الماضية. الا ان اسعار العقارات في المناطق الجنوبية الشرقية لا تزال تواصل ارتفاعها لكن بشكل طفيف وملحوظ نسبة لما كانت عليها ارتفاعات السنوات الماضية.
ويقول الخبير العقاري والاقتصادي في «هاليفاكس» مارتن إليس بهذا الصدد ان: «نرى تراجعا في الاسعار في تلك المناطق بسبب تراجع القدرة الشرائية عند السكان، غير ان الاسعار ارتفعت في الماضي بشكل تخطت فيه معدل الاجور العام لعدة مرات واصبح من الصعب دخول السوق العقاري». ولا يتوقع إليس ان تنتشر ظاهرة تراجع الاسعار في جميع المناطق. واكد ان الأسعار في لندن لن تتراجع ابدا لأن المدينة تمثل جزءا ضخما من الكعكة الاقتصادية في البلاد.
ومن جهة اخرى اكد تقرير صادر عن الهيئة الملكية للمساحين ان الاسعار بشكل عام تتراجع تدريجيا وان عدد المشترين تراجع ايضا كما تراجع عدد القروض الممنوحة للزبائن الجد على السوق. واكدت الهيئة ان الاسعار خلال السنوات القليلة الماضية ارتفعت بشكل جنوني، ولا بد لها ان تتراجع بنسب عالية خلال الفترة المقبلة.
وتتوقع الهيئة في التقرير، ان تتراجع الاسعار بنسبة تتراوح بين 5 و8 في المائة قبل نهاية العام وان اصحاب المنازل سيضطرون الى التواضع وتخفيض اسعار منازلهم التي يريدون بيعها.
ويقول بول ايري عن الهيئة: «ان معدل الفائدة العام المرتفع وادخال حزمة معلومات المنزل (الذي يراد بيعه) ساهما في تراجع الطلب على العقارت. وتعرض السوق لهزة بسبب ازمة بنك «نورذرن روك»، لأنه من اللاعبين الكبار في السوق، مما أدى الى تراجع في الثقة. اعتقد ان الاسعار ستواصل تراجعها السنة المقبلة بنسبة 5 في المائة، وان السوق متضخم ولا بد للفقاعة من ان تنفجر».
لا بد من الذكر هنا ان المؤسسات المصرفية والمالية المتخصصة في العقارات واسواقها واوسواق القروض العقارية تصدر تقارير دورية متلاحقة لكنها احيانا تتناقض مع بعضها البعض، إذ ان كل مؤسسة تعتمد على سبل مختلفة للحصول على معلوماتها واحصاءاتها، فمثلا يقول «هاليفاكس» ان سعر المنزل في بريطانيا تراجع بنسبة 0.6 ففي المائة الشهر الماضية وهو اول تراجع منذ يناير الماضي، قال بنك «نيشن وايد» الاسبوع الماضي في تقرير آخر ان اسعار العقارات في البلاد ارتفعت بنسبة 9 في المائة في السنة كما كشفت احصاءات الشهر الماضي. وهي أبطأ نسبة نمو منذ سنة تقريبا.